السؤال :
ما حكم الرسايل المتداولة رسالة مكتوب فيها الهدف منها مليون صلاة على النبي-ورسائل يقال فيها الهدف كثرة الاستغفار- وما حكم إرسالها أفيدونا أثابكم الله وسدد خطاكم.
الجواب :
الحمد لله.
ما يتداوله كثير من المحبين للخير والإصلاح عبر شبكة الإنترنت من إطلاق
حملات تدعو إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو الاستغفار
أو نوع من الذكر لتحقيق عدد رقمي معين كمليون أو التزام بوقت معين
عمل غير مشروع بل هو عمل محدث لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). متفق عليه.
وفي رواية: (من عمل عملا).
وقد ورد التحذير الشديد من فعل البدع كما في الترمذي أن الرسول
صلى الله عليه وسلم قال :
( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ).
ولا شك أن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم مع قيام
داعيه وانعقاد سببه في زمن النبوة ولم يفعله أصحابه رضوان الله عليهم.
والعبادات مبناها على التوقيف ولا يدخلها الاستحسان والاجتهاد بالرأي.
ولما اجتمع قوم من النساك في جامع الكوفة وجعلوا يتعبدون الله
بالذكر على هيئة محدثة خرج عليهم عبد الله بن مسعود وأبو موسى
الأشعري رضي الله عنهما فبالغوا في الإنكار عليهم.
فلا يشرع التعبد بعدد معين لم يرد في الشرع بل المشروع التقيد
بما ورد في الشرع من التزام أعداد وردت في أذكار مقيدة أو الذكر
على سبيل الإطلاق دون التقيد بعدد أو زمان أو مكان أو هيئة غير مشروعة.
ومن تأمل النصوص وجد أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
مشروعة في جميع الأحوال قال الله تعالى :
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ).
وقال صلى الله عليه وسلم :
( فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا). رواه مسلم.
وتتأكد في ليلة الجمعة ويومها ولم يرد عدد معين محفوظ
للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وما روي في الصلاة عليه
عشرا صباحا ومساء لا يصح فلا يشرع لأحد أن يستحب عددا من رأيه.
والتزام هذه الطريقة جارية على أصول أهل الطرق من الصوفية
وغيرهم الذين يحدثون أعدادا وهيئات محدثة في باب الأذكار
والعبادات وقد أنكرها أهل العلم وبينوا بطلانها.
ومحبة الخير والرغبة في نشر الدين لا تسوغ مخالفة الشرع
وعدم الإلتزام بالضوابط الشرعية.
والبدعة بكل أجناسها وأنواعها مذمومة شرعا وإن استحسنها الناس.
ثم عند التأمل لا معنى معتبر مفهوم من تخصيص عدد مليون أو غيره
من الأعداد ولا مزية له لأن الشارع لم يعينه ولم يخصه بفضل ولم يستحبه.
ومن المخالفات أيضا في هذه الرسائل أن يرتب على فعل هذا العمل
وعدا أو شفاء أو فضلا خاصا لم يرد في الشرع.
ومن تأمل الأذكار من صلاة واستغفار وثناء الواردة في النصوص الشرعية وجد أنها قسمان:
1- أذكار مطلقة تشرع في سائر الأحوال من غير التزام
بعدد وهيئة ومكان وزمان.
2- أذكار مقيدة بعدد وهيئة وزمان ومكان كأذكار الصلوات وأذكار
الصباح والمساء وغيرها.
والمشروع للداعية المسلم أن يدل الناس ويرشدهم إلى فضل الأذكار
والصلوات وتلاوة القرآن على سبيل العموم بذكر الأدلة من الكتاب
والسنة الصحيحة من غير إحداث طريقة مبتدعة ملتزما بهدي
النبي صلى الله عليه وسلم متحريا بالسنة ولا يضاهي المبتدعة
في طرقهم البدعية.
ويجب على المنتسبين للعلم والدعوة إنكار هذه الطرق وردها
وتحذير الناس منها وعدم التهاون فيها لأن التساهل في قبول
الأقوال والأفعال المخالفة للسنة تكون ذريعة لانتشار البدع
واضمحلال السنن على مرور الوقت كما اندرست السنة
وغابت معالم مذاهب السلف في كثير من بلاد المسلمين.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة